بعد دقائق قليلة سأبلغ الثلاثين من السن، هذا الرقم المفزع الذي يلاحقنا كشبحٍ منذ بدأنا بإدراك فروق العمر بين الآخرين، وبلوغي هذا السن يأتي أكثر قسوة مع وجودي للمرة الأولى بعيداً عن المدينة التي اعتدتُ أن أقضي أعياد ميلادي السابقة فيها، بعيداً عمن فقدتهم في هذه الرحلة المثيرة (للشفقة أحياناً) الممتدة لخمسة وعشرين عاماً – إذا لم نحتسب سنيني الخمس الأولى التي لا أتذكر عنها شيئاً، وعن حبيبتي وأصدقائي الذين قضيتُ معهم عيد ميلادي الأخير كشابٍ عشريني، وفي الوقت نفسه يأتي أكثر سهولة بعد الانطلاقة المذهلة التي أتيحت لي في مدينتي الجديدة واتخاذ حياتي المهنية أخيراً خطاً أكثر وضوحاً من الخيوط المتشابكة التي كانت تسير سوية وتشد بعضها البعض في عشرينياتي، ولكن ما هو ثابتٌ ومشترك بيني وبين من يبلغون الثلاثين شعوري أني عجوز بشكل أو بآخر، وكأي عجوزٍ سأقدم نصائحي التي عجزتُ أنا عن اتباعها حين كنتُ أصغر سناً.
دعك من الأحلام
“الحلم” كلمة كبيرة جداً، يصيبني الدوار لمجرد التفكير بكل الأحلام التي ملكتها حين كنتُ أصغر سناً، ومن بينها الحلم الذي لا بد أن يكون لدى كثيرين ممن يقرؤون: تغيير العالم.
هذا العالم ليس عادلاً، ومجرد أنك تتقن القراءة كافٍ لتكون مدركاً لهذه الحقيقة سلفاً، سعيك الحثيث خلف هدفٍ يستهلك ما يكفي من حياتك لتسميه حلماً لن تقابله مكافأة ملائمة، وغالباً ستتعرض للكثير من الاستغلال وستفوت الكثير من الأوقات الثمينة في حياتك مقابل هذا “الحلم”، لا تضيع وقتك في البحث عن شيءٍ سيحصل بعد عشرة أو عشرين عاماً لأنه سيكون عديم اللذة غالباً، وستستيقظ في الصباح التالي مفكراً بكل بما فاتك وما كان يمكنك أن تفعله في هذا الوقت، حالماً بأن يعود بكَ الزمن وتكتفي بليلة طويلة من المرح بدلاً من تلك الليلة التي راودكَ فيها الحلم لأول للمرة الأولى.
لا تمارس الجنس، مارس الحب
مثل كل ذكور البشر، الرغبة الجنسية كانت تأكل رأسي في عشرينياتي، ولكوني ذكر في بلد عربي فإن الأمر كان مضاعفاً لمحدودية خيارات إشباع هذه الرغبة المحيطة بي، ولكن – عكس ما قد يقوله علم النفس – كنتُ أدرك تدريجياً أن خلف الرغبة بالجنس تختبئ رغبة بشيءٍ أجمل من الجنس وغيابه أكثر مأساوية من الحرمان؛ الرغبة بأن نكون محبوبين، وحين بلغ هذا الإدراك كماله تخليتُ عن الجنس لأجل والتزمتُ كل شيء لأجل الحب، بكل ما تحمله هذه الكلمة من عوالم هائلة ومعاني مبتذلة.
هذه الأوقات الكئيبة تدفع الكثيرين نحو السعي لحياة غنية بالجنس وفقيرة بالحب، وأنا نفسي عشتُ هذا السعي في عشرينياتي، وأصابني ما أصابني من الاكتئاب بسبب هذا السعي المثير للشفقة الشبيه بحفرة، لا تزيل منها إلا وتصبح أكبر. بالتأكيد لا أنصحك بأن تمتنع عن الجنس ما لم يقترن بالحب، ولكن إياك أن تمتنع عن الحب إن نظر إلى عينيكِ، فالحب لا يحدق في عينيك إلا مراتٍ قليلة.
ابحث عن السعادة
مع التعقيدات والتطورات التي تصيب عالم الأعمال، أعمالنا جميعاً، كلماتٌ مثل “النجاح” و”الثراء” و”الشهرة” تنقر الرؤوس كغرفة تعذيب، ولكن كل هذه الكلمات، خصوصاً كلمة “النجاح” السخيفة، غالباً لا تعني شيئاً أكثر من رأي الآخرين بكَ.
لا تتورط في السعي خلف المال فهو غالباً ما ينتهي بأن تحصل في أحسن الحالات على ربع ما يحصل عليه الآخرون بفضلكَ، ولا في السعي خلف الشهرة فهي غالباً تأتي مع تنازلات كبيرة لسخافات الآخرين، ولا خلف النجاح… فلا أحد يعرف معنى النجاح ما لم يمنح لكَ من آخرين أكثر نجاحاً، أخرين أكثر قيمة منك وفق مقياسٍ لا نعرف معناه، اسعى خلف السعادة لا أكثر ولا أقل على الإطلاق، افعل ما يجعلكَ سعيداً، لا ما يخبرك الآخرون أنه سيجعلك سعيداً، بل ما يجعلك تحدث نفسكَ لتخبرها أنك تشعر بالسعادة هذا النهار.
سوى بعضنا، نحن أخوة حتى النفس الأخير
ولكن في الوقت نفسه لا تسمح لنفسك بالانسياق خلف أي اعتبارٍ يجعلك تعتقد أن أي إنسانٍ أقل أو أكثر قيمة منك، لا تختبئ خلف بعض المتغيرات في شخصك جاءت بالصدفة المحضة غالباً، مثل الجنسية أو المستوى التعليمي أو الاقتصادي أو القانوني، لتشرع لنفسكَ التعدي على حقوق الآخرين أو التنازل عن حقوقك للآخرين، نحن جميعاً واحد كامل لا يتجزأ، وما هي مآسينا إلى بسبب القناعات المماثلة التي سمحت لقلة بتعميق مآسي مئات الملايين باستخدامهم كأسلحة في وجه بعضهم البعض، رغم كل الاستفزازات التي ستواجهك في حياتك، خصوصاً أثناء حماسة العشرينيات من عمرك، لا تقبل أن تكون سلاحاً مشهراً في وجه أخيك الإنسان، فنحن جميعاً، باستثناء الذين يشهروننا أسلحةً في وجه بعضنا البعض، أخوة حتى النفس الأخير، ننجو أو نهلك سوية.
اولا .. رواية قليل من الموت خلصتا بقعدة وحدة لانو فعلا كانت جذابة وغيرت نظرتي لكتير امور بالحياة خصوصا ايلين دوليون … بكل بساطة قضيت شي 3 اشهر من وقت قرات الرواية لهلأ عم حاول لاقي شي اتمرد فيه عالقانون غير الجنس لانو انا رافضة الفكرة تماما بدون حب …. يعني ازا بدي مارس الجنس بعتقد لح مارسو مرة وحدة بس ومع الشخص يلي حاغرم فيه بالمستقبل لانو بكل بساطة الجنس هو تواصل روحي مع الحبيب حسب معتقداتي و نظرياتي المجنونة …. بينما بالحديث عن الاحلام …. انا قضيت طفولتي ومراهقتي عم فكر بتغيير العالم والنجاح وعم اعمل المستحيل حتى اقدر سافر وادرس بكندا الاخراج السينمائي واوصل لمستوى عالمي بالمجال السينمائي وعم ادرس لجيب التوفل وللبكلوريا ووووو وانت بكل بساطة بتقلي اتخلى عن نغيير العالم وعن احلامي المستقبلية يلي عم تلاحقني متل الكوابيس من اكتر من4 سنين !!
تغيير العالم اليوم على يد شخص واحد فكرة مستحيلة، ولكن عبر ما ذكرته في النصيحة الرابعة، يمكننا أن نكون كما يقال التغيير الذي نريده في العالم