مع تجربة اختراق القواعد القديمة، تتساقط جميعها واحدة تلو الأخرى، بدءاً بالمعقدة كقاعدة عدم الوقوع في الحب، وانتهاءً بأبسطها كضرورة النوم في الليل والاستيقاظ في النهار. مع تجربة الوقوف بوجه هذه القواعد واحدة كل مرة، تكتشف أنها لا تحتاج أكثر من نظرة جادة، وإيمانٍ شديد بهشاشتها لأقل من ثانية حتى تتفتت أمام عينيكَ، تتداعى تماماً ولا تترك حتى صوتاً على حذائكَ وأنت تسير فوقها.
إذاً… دخن بعد الطعام، قبل النوم، قبل التبول وبعده، أثناء ممارسة الجنس وحتى أثناء عناقها هامساً في أذنها أنكَ ستعود. لا تستغرب نظرات الآخرين المترددة بين وجهك الأصفر ولافتة “ممنوع التدخين”، ولا تستغرب استذكار أحدهم لرقم المرسوم بعد استطالة الزمن وعدم جدوى نظراتهم. انفث الدخان كتنين بدوي، وأخبرهم أن هذه المدينة لم تترك لأسلافك سوى الغبار يتراكم على جثثهم وحواف نوافذهم، وأن دخانك سيترسب على السماء بعيداً عن منازلهم الساكنة.
تسألني سيدة محجبة في الشارع إن كان لدي ولاعة، أهز رأسي موافقاً وأقدمها لها بصمت. ألستِ صائمة؟ إذن سأدخن أنا أيضاً، أسحب السيجارة من حقيبتي وأحرص على تجهيزها في فمي قبل أن ترجع لي الولاعة، شكراً لكَ يا بنيّ… بنيّ؟ إذن سأتنازل عن نيتي الرقص معك إلى حين إطلاق جنود الحاجز القريب الرصاص على السماء ابتهاجاً برقصنا المذهل.
مع تجربة اختراق القواعد الجديدة، تتعملق جميعها واحدة تلو الأخرى، بدءاً من المعقدة كقاعدة الركوع أمام حبيبتك كل ما شعرت بالطمأنينة، وانتهاءً بأبسطها كضرورة النوم. مع تجربة الوقوف بوجه هذه القواعد واحدة كل مرة، تكتشف أنه ليس هناك ما يمكنك فعله لتحطيمها، إيمانك بزوالها ليس كافياً، والطريق الذي تظن أنكَ تسير فيه حراً إلى الأمام، لستَ سوى مدفوعاً عليه كقطارٍ يودع العالم، وقريباً جداً لن تكون هناك محطات تقفز من القطار إلى مرفئها، ولن تكون هناك امرأة جميلة ترتدي قبعة صيفية واسعة لتعانقك، وتهمس لكَ ألا ضرورة للركوع هذه المرة بالذات.