لا أعتقد أننا التقينا قبلاً، ولكن لسبب ما كل شيء فيكِ يبدو مألوفاً، مررتُ به قبلاً، حتى سعادة أصابعي حين تبتسمين. جميع الطرقات مظلمة اﻵن، أضواء المدينة لا تكفي لاغتيال الغموض الذي يصيب كل شيء، فلنحرق المدينة، الحضارة؟ لقد اتفقنا للتو أننا لسنا بحاجتها، كل ارتعاشة تصيب الفك السفلي تضرب كل الحضارة بعرض الحائط، تفضح عرض الحائط، تفضح ضعف كل الجدران المحيطة بمسام أجسادنا.
لا أعتقد أننا التقينا قبل هذا المساء، لستُ متأكداً إن كنا قد التقينا أصلاً.. هذا المساء، ولكن شيئاً ما يخبرني أن هذا الجزء من الكون حقيقي، ملمسه ليس خدعة من الحواس، ليس مجرد هراء آخر ورثته عن المحيطين بي، ليس مجرد صمت آخر ورثته عن الجدران، الحجارة لا تورث الكلمات، الحجارة لا تترك خلفها سوى صمتاً، هي الثورة، هي القفزة الأخيرة نحو الحرية، هي الصفعة الأخيرة على مؤخرة البشرية جمعاء، دعي البشرية وشأنها، ستتدبر أمورها، أو تنقرض كباقي المخلوقات البلهاء، كي لا تنقرض ليس عليك أن تكون ضخماً، الديناصورات انقرضت غباءً، فلنكن أكثر ذكاء من ديناصور، ديناصور واحد، لا أطلب أكثر.
أنا وأنتِ غرباء في هذه المدينة، روحان تائهتان بانتظار الضباب التالي، لا نفقه شيئاً مما يقولون، لغتهم تختلف عن تلك التي نفكر بها، عن تلك التي نطلب قارورة النبيذ التالية بها، أنا وأنتِ نمر بصمتٍ هنا، لا أحد يلاحظ مرورنا، يلقون نظرة سريعة ويرحلون، يبحثون عن الحكاية التالية، أنا وأنتِ بلا حكاية.
ربما هو الهواء أخف وزناً اليوم، أم هي السيارات تتحرك بحزن؟ كل شيءٍ ممكن هنا، لا أحد يمنع الأكوان من التشكل، فقط بعض القوانين البسيطة لتحسين سير العملية، ولكن بعد ذلك كل شيءٍ متاح، غير شكل النجوم، والأجرام السماوية، غير طعم الملح والسمك المعلب، هو كون لا أكثر، ما الضرر في تغيير طعم الملح في كونٍ واحد؟
أغلقي الستائر، لا شيءَ يستحق المشاهدة في الخارج.