بانتظار الكهرباء

مر على انقطاع الكهرباء في منزلنا 12 ساعة حتى الآن، في منطقتنا لا يوجد صراع مسلح، لا يوجد عنف، لا يوجد شيء، يوجد فقط بعض الأبنية والمحال التي ليس فيها كهرباء، على عكس الجميع الذين ينامون مرغمين عند انقطاع الكهرباء، فأنا بالنسبة لي ساعات انقطاع الكهرباء هي ساعات توتر، وعلى إثر ذلك فقد مرت هذه الليلة دون أن أنام، قضيتها في التفكير، فكرتُ في الكثير من الأمور، كيف ستكون نهاية روايتي التي أنهيتُ فصلها قبل الأخير قبل انقطاع الرمق الأخير لبطارية حاسوبي، فكرتُ في لو أن الأرض أصيبت بكارثة إلكترونية ودُمِرت جميع الدارات الكهربائية فيها، كم سنتحتاج من الوقت لتسترد عافيتها؟ كان الأمر مرعباً.

قررتُ في النهاية أن أعود لأحداث النهار الماضي، كنتُ قد التقيتُ بصديقة مقربة مر على غياب لقاءاتنا حوالي الثلاثة أشهر، وتذكرتُ جملة قلتها لها تكاد تجعلني أتقلب على ظهري من الضحك، قلتُ لها إنني أبحث عن أي عملٍ هنا، المهم ألا أضطر للسفر.

قد لا يبدو الأمر مضحكاً لكم، ولكني التقيتُ أيضاً منذ عدة أيامٍ بصديقٍ لي كان قد أمضى أكثر من سنة في بيروت، وكان يشتكي من سوء خدمة الإنترنت هناك وانقطاع الكهرباء المتواصل، وكان الرقم الذي رماه في وجهي وأبقاني مصدوماً إلى أن كتبتُ هذه السطور هو 9 ساعات، لم أصدق، من يستطيع أن يعيش في مكانٍ تنقطع فيه الكهرباء 9 ساعات؟!

وكالعادة، دائماً هناك ما يحاول إقناعي بالسفر، 12 ساعة؛ فقط كي تحطم الرقم القياسي لعدد ساعات انقطاع الكهرباء التي تخيفني، المبنى الوحيد الذي فيه كهرباء هو الجامع، عند الساعة الخامسة – لستُ متأكداً – اشتعلت أضواؤه فجأة، وأطلق الأذان بالتزامن مع عشرات المآذن من منطقة سكني والمناطق المجاورة.

خطر لي أن أتصل بأحدهم فقط كي أعرف كم من الساعات علي أن أنتظر، اتصلت بطوارئ الكهرباء الخاصة بمنطقة سكني، لم يجب أحد، أفضل بقليل من المرة الماضية حين تركوا السماعة ربما مفتوحة كي يتخلصوا من “إزعاجات” المواطنين، ليس مهماً أن اسمها طوارئ وليست تجيب على اتصالي أثناء أكبر كارثة – وليست مجرد طارئ – كهربائية تصيب منطقتنا، المهم أنني أسمع رنيناً.

اتصلتُ بطوارئ كهرباء ريف دمشق أو دمشق أو سوريا، لا أدري، المهم اتصلتُ بالرقم 117 كما أمرني الرقم 147، وبالضبط ذات السلوك الطبيعي على ما يبدو لأرقام الطوارئ.. لم يجب أحد.

بما أن الشمس قد شرقت وأستطيع الكتابة دون أن أتسبب بالأذية لعينيَّ، فأنا سأدون الآن على هذه الوقة ريثما تعود الكهرباء وأتمكن من الكتابة مجدداً على حاسوبي، وأود أن أقول لكل أصدقائي الذين سافروا في الأيام القليلة الماضية أو الأشهر أو السنين، أنتم لا تخونون وطنكم، وطنكم هو من يخونكم.

حُرر في 24/9/2012

6:45

بانتظار رجوع الكهرباء التي استمر انقطاعها حوالي الـ24 ساعة

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية لتصلك أحدث المقالات فور نشرها