أن تموت من الإسمنت يطحن قلبكَ أو مختنقاً أو حتى مللاً من انتظار نجدة الآخرين… لا فرق، ستصل لذات النهاية.
أن تكون هناك صورة فوتوغرافية لموتك أو مقطع مصور أو حتى شاهد عيان… لا فرق، الجميع يعرف أنك تموت وكيف تموت ومتى ولما تموت، بل إنهم يعرفون قاتلك.
أن تتمكن من إطعام أطفالك أو نفسك أو زوجتك أو حتى أن تستطيع شرب كأس ماءٍ لتلفظ أنفاسك الأخيرة بارتياح… لا فرق، مذ ولدتَ يجوّعك الجميع، وكل ما سرقوا رغيفاً منك يرون الرغيف الذي يليه ويسرقونه.
أن يقف كل سكان الكوكب رافعين اللافتات وصارخين بوجه الكاميرات انتصاراً لك أو يستطيعوا تحديد مكان مقتلك على الخريطة بدقة مبهرة… لا فرق، عند الضرورة لا أحد سيحتمل ثقل السقف على ركبتيه كي يمسك يدك.
في لحظة وفاتك؛ لن تكترث بكل الأحاديث السخيفة عن الإنجازات والنجاحات وهزم الآخرين، لن تكترث إن كنت قد اشتريتَ بيت أحلامكَ أو تزوجت فتاتها، فأي كان منزلكَ لن تشاهد وتتذكر في برزخ الموت سوى النور الهزيل، متسرباً من شقوقٍ صغيرة في الجدار المصنوع من الأرواح المكدسة.
أغمض عينيكَ لا أكثر… ودَعْ هذا العالم يأتيكَ بكل ما يملك، دعه يستخدم كل عضلة من عضلاته في ضربكَ، فهذا العالم مهما أثار غثيانكَ مفارقٌ إياك.