كانت هنا بعض الأمور تبحث عن بعض الأمور، تضيع بين السماء وبين الغيوم، وتختبر الرؤوس دوراناً لا ينتهي، يتصاعد الدخان من قلب الوسادة، والأحذية تحاول عبثاً الهروب من الغبار الرمادي، لا مفر لنا سوى التكلم، والاعتراف بكل تلك الرذائل التي نخفيها في النور، لا بد من تسلط الظلام عليها، وجعلها عبرة للجميع، سواء أولئك الذين اعترفوا بها أم لم يعترفوا، كي يكونوا أكثر حذراً خارج الدخان، ويقيموا حساباً ليوم الدخان.
يوم الدخان، ما أدراك ما يوم الدخان؟ تحول الماء إلى حليبٍ داخل الفنجان، وتناكحت النساء في أدمغة الغلمان، وسار بنا الليل نحو اللامكان، باحثاً عن شبه قسوة للاطمئنان، ولكن الهروب مستحيل، بعد أن تصبح الخلايا عاجزة عن الدوران حول نفسها، وتصبح العيون غير قادرة على الاستيطان، يصير كل شيءٍ عبث، وتصبح الحياة من حولنا أكثر ألواناً من قدرتنا على الاحتمال، نطالب بحقنا المشروع في إطفاء الأنوار.
مع من سأمارس الجنس؟ لا أحد، لا أحدَ من هؤلاء الذين يملؤون هواء الغرفة، أو الذين يحجبون ضوء ذلك المصباح الرخيص، لا أحد من أولئك الذين لا يلاحظون أن الخشب من حولهم على وشك الاحتراق، وأن المنزل كله على وشك الاحتراق، فقط السماء هي من تستحق أن أمارس الجنس معها، فهي ترى كل شيء، وتفهم أن الأشجار ليست معجزة، وأن النساء لسن معجزات، وأن الليل ليس سوى خدعة تنطلي علينا كل مساء.
مع من سأمارس الجنس؟ مع تلك التي تمكث مرتفعة عن كل شيء، تلك التي لا نبحث عنها، التي إيجادها سهلٌ ولكن الوصول إليها مستحيل، سأمارس الجنس معها وحيداً كل يوم، وسأهرب من كل النساء نحو السماء، هي وحدها قادرة على استيعاب كل القذارة الماكثة في داخلي، هي وحدها قادرة على مسح البقايا التي تركها الجميع عليّ.