أنا أتداعى…
أصمت أنا فلا تتوقف عن الكلام، أتكلم فأخسر كل حججي مع الابتسامة الأولى.
أنا أتداعى…
ثقل الزمن يكسر كاهلي، أقول لها “كأنني تعرفتُ إليكِ يوم أمس”، ولا أكذب، لكن الواقع يرفض أن يخضع لشجني الحقيقي تماماً تماماً.
أنا أتداعى…
بين صمتي وصمتها، وبين قبلة وأخرى، وبين إغفاءة على الكف وضغط على السرة، أحس كوناً يفصل بيننا، أحس محيطاً يفصل بين قنديلين، يدوران ويدوران بحثاً عن جماع، ولكنه – محيط التابو – يتسع ويتسع، ولا نلتقي في الطرف الآخر من العالم، قارة بكاملها قد تمزق أحشاءنا.
لا أدري إن كنتَ أبتلع النهد أم يبتلعني، ولا أدري – حين أحرث الشفاه – إن كنتُ أنزف أم الظلام يتكاثف على عنقي.
أتداعى مزيداً… أتداعى مجرداً.
وحين أجردها، أرى إنساناً لا أكثر.
إذاً لماذا – حين تتكئ عيناها على جدار السرير – أحصي النجوم ولا أنتهي؟ لماذا يضيق صليبي وصليبها، فأعجز عن التنفس وتعجز عن التفتت؟ أرى إنساناً، بلحمٍ ودمٍ وروح تفيض فأذعر، لا تمزقي الجفن يا روح!
أتداعى… كأني الخريف يحتضر.
عقد أنتظر، لماذا إذن أشعر بحزنٍ شديد؟ هو حلمٌ سرق مني ورمي به في فراغ المكان، أعانقها، أسير بلا حلمٍ وأشعر بفراغٍ شديد. أسير بلا خيالاتٍ تحتل انتباهي، فقط حركة وجهها على كفي، تتكرر وتتكرر وتتكرر… دائرة لا تنتهي من الأنوف والذقون تتحرك على كفي، تخلخل عظامي، فتنفلت الأصابع من الكف وتسافر بعيداً.
أتداعى، كأنني لم أكن ولم تكن هي، وكأننا خيالان يرشفان اللاشيء ولا يتركان منه أثراً على السرير.