لا أعرف أين أبدأ، أو إلى أين سأنتهي، أحمل في قلبي ألف شعور الآن، وجميعها تخص امرأة واحدة، بعيون عاطفتي الجميع تماثيل الآن، وفي مكان بعيد، تفصلني عنه آلاف الأبنية ومئات آلاف التماثيل، هناك امرأة تتنفس وتفكر بي.
كخنصر وبنصر، ما إن أفرط في الحب حتى أفرط في التفاؤل، طفل يجري بعد المحاولة الألف فزعاً من المياه الحارقة، يكره الاستحمام وينتظر مرتجفاً في غرفته، محاطاً بمنشفته وبفكرة واحدة؛ أن يجرب حرارة المياه من جديد. ارتميتُ فيها كبحر، والآن أهرب منها كنار، أقرأ قصيدة فأبكي، أقف جانبي، أتأمل باقتضاب، وأجد أن الأمر أصبح مفرطاً في السخافة، وأن غيابها سيحولني لمهرج يروّح عن نفوس المرايا.
أن تسجن داخل أربعة جدران يعني أن تسجن داخل رأسك، تحفظ الجدران عن ظهر قلبٍ كوجهك، وتحصل مخيلتك على حرية اجترار ما في رأسك وتذكيرك بكل شيء دفعة واحدة. أذكر نفسي؛ كنتُ سأصنع لها ألف زوجٍ من الأقراط وألف قلادة، أنا كاتب – أذكر نفسي – ونادراً ما أفعل شيئاً، أقول أنني سأجلب النيل كي تستحم به، وفي الواقع لا أتكلف عناء جلب ملعقة لتحريك قهوتها.
مفتون بتعاستي؛ أليس جميلاً أن يكون لكل منا امرأة يصيبه رحيلها بالتعاسة؟ قيل أن الحب هو ما تصاب به من نقصان عند الفراق، وأنا أفارق كثيراً، كل مرة أشعر وكأني فقدتُ جزءاً من جسدي، الآن بالكاد أشعر بأكثر من معدتي الممتلئة بوجباتي الإحدى عشرة وعينيّ يلتهمهما الصدأ، أعرف ذلك لأنني حين أراقب العالم من حولي أراه يتصدع، مذ غابت روحي منزلٌ مهجور، وعالمي كومة خردة يتلهمها الصدأ.