لم أستطع أن أختبئ خلف خوفي أكثر من ذلك، لم أعُد آبه برأيهم، لم أعُد آبه برأيه، كل ما آبه به الآن هو حريتي، هو الخروج.. الهروب إلى فسحةٍ من الحرية، منذ كنتُ في الرابعة عشر وأنا مخدوعة بهم، يوماً لم يمنعوني عن الارتباط بشابٍ، يوماً لم أخف من إخبارهم بعلاقتي بشابٍ، ولكن اليوم اكتشفتُ أن تلك لم تكن حريّة، لم تكن تحضراً، بل كانت سجناً وبداوة.
اليوم أنا فتاة خرجتُ لتوي من سنتي العشرين، أجلس في منزل صغير في تورنتو أحلم بدفءِ دمشق، وباشتمام عطر الياسمين الذي لا تعوضه عطور فرنسية تملأ المدينة، ولكن على من عساي أضع اللوم؟ على نفسي حين ارتضيتُ أن أتركَ دراستي من أجل حلمٍ ببيتٍ سعيد أبنيه معه؟ أم على أهلي الذين سمحوا لي أن أفعل ذلك بنفسي؟ أو ربما على ذلك الجرَذ الذي استغل نفوذ الفزاعة على عائلتي ليدمرني؟
قبل زفافنا، على الرغم من استعجاله على الزواج مني لأنه أصبح:” في عمر الثلاثين ويريد أن يستقرّ” كما ادّعى كان يصرّ أن نقضي ليلة في فندق في دمشق قبل السفر إلى ماليزيا، لم أفهم السبب، لماذا هذا الإصرار على البقاء في سورية وفي دمشق تحديداً.
كان الزفاف مثاليّاً، في أفخم مطاعم دمشق، أفضل منسق أغاني في المدينة حاضر، والصحافة تغطي الزفاف، كيف لا وهو ابن أحد أهم مسؤولي الدولة؟
بعد انتهاء الحفل خرجنا بموكب من أغلى السيارات، والكاميرات تلاحقنا، والزغاريد، وكل شيءٍ كامل، لا أخطاء، ولا إحراجات، لا أحد من لائحةِ المدعوين تغيب، ولا حتى واحد.
ذهبنا إلى الفندق، لنقضي ليلتنا قبل سفرنا في صباح اليوم التالي، حين دخلنا الغرفة شعرتُ بأحلامنا حقيقة، كانت تلك ليلتنا المشروعة الأولى، انتظرنا طويلاً حتى أتى هذا النهار، أو… هذه الليلة.
قضينا ليلة من العمر، حينها شعرتُ وكأنني فهمتُ لماذا أصرّ على البقاء في دمشق لليلة قبل الرحيل، فحين تحتضن مدينة حبنا، لا نستطيع أن نتوّج حبّنا في غيرها، وإلا فأيّ نكران للجميل سيكون هذا؟ لقد كان شاعريّاً وليس جافاً كما عرفته قبلاً، أو هذا ما ظننته…
على السرير، اختلفتْ الأمور كلياً، اختفى الهدوء الذي خيّم علينا منذ انتهت الحفلة، وصار مجرّد غريزةٍ تشاركني سريري، كان يريد أن يفعل كل شيءٍ في تلك الليلة وعلى ذاك السرير، كأننا لن نجتمع على سريرٍ آخر مرّة أخرى، ذاك هو الحب، أن نعيش مع المحبوب كما لو أننا سنفقده الآن، ونحلم به كما لو أننا سنملكه لأبد الأبد، هذا ما كان يفكر به، أو هذا ما ظننته…
بعد أن وصل لأقصى درجات الإرهاق، وبعد أن أشبع نهمه مني لتلك الليلة على الأقل، كنتُ نصف نائمة، وكان هو مثلي، فجأة تنبّه شيءٌ في داخله، نهض من السرير وارتدى ثيابه سريعاً، والغريب أنه لم يرتدي ثياباً مريحة، بل عاد وارتدى ثياب الزفاف دون ربطة العنق، ثم خرج جارياً لم أستطع أن أتخيل حينها ما هو الأمر الضروري الذي يجعل شاباً يترك سرير زوجته ليلة زفافهما، والذي لا ينتظر حتى الصباح.
لم أرهق نفسي بالتفكير بذلك، حين صارت الساعة الساعة الخامسة نهضتُ عن السرير، اتصلتْ بخدمة الغرف وطلبتُ فطوراً لاثنين، كنتُ متأكدة أنه سيعود قبل الساعة السادسة فموعد طائرتنا عند الثامنة صباحاً.
نقرتين على الباب…”تفضل” أدخل عامل خدمة الغرف الفطور وذهب، بعد أن ذهب عدْتُ وخلعتُ الرداء الذي كان عليّ لأستر به نفسي حين يدخل، فكرتْ أن أبدأ بالأكل دونه، ولكني أردْتُ انتظاره لنتشارك أوّل وجبةٍ لنا كزوج وزوجة، فأخذتُ أوضبُ الحقائب وأقفلها تهيّؤاً للسفر، كعادته في طلب أمور غريبةٍ كانت حقائبنا منفصلة، أغراضي لا تختلط بأغراضه.
عند الساعة السادسة والربع بدأتُ أقلق، فقد بقي لموعد الطائرة أقل من ساعتين وإن لم يصل في لحظات لن تستطيع أن ندرك موعد الطائرة، ولكن في ثوان ظهر ولم يكن وحيداً….
طرقٌ عنيف على الباب أفزعني، جعلني أرتدي ردائي من جديد، فلم أكن قد ارتديتُ سوى بنطالي، ولا أرتدي سوى حمالة تغطي نهديّ، فتحتُ الباب ولمحتُ وجهه، ولكن الوجه الغريب هو الذي كان معه والذي كان يقف أمامه.
” عاهرة…”
تلك هي الكلمة التي صرخ بها أبي في وجهي، ثم صفعني بكف يده الواسع، حتى أن يده التي أصابتْ أذني أصمتني عن السمع لثوان.
لم أفهم ما الذي يحصل، لماذا يفعل أبٌ ذلك لابنته صباح زفافها؟ كان يصرخ بأمور تتعلق بالشرف والسمعة وما إلى ذلك، وحينها خطر لي تساؤلٌ : أ يعقل أن يكون الجنس محرّمٌ حتى مع الزوج ولم أعلم بذلك؟
“ستسافرين وحيدة والآن، وحين تصلين هناك اتصلي بنا ونخبركِ ماذا تفعلين، هيا احملي حقيبتكِ وأحضري جواز سفركِ، سترحلين الآن كي تدركي موعد الطائرة…”
دون أن أفهم شيئاً، صعدتُ في سيارة الأجرة، وتركوني أذهب وحدي إلى المطار، ركبتُ الطائرة وسافرتُ إلى ماليزيا، وهناك كانت كل الترتيبات التي سبق وحضرها لشهر العسل خاصتنا تنتظرني، وحين وصلتُ إلى الفندق، لم أستطع أن احتمل الجهل الذي كنتُ غارقة فيه حينها.
اتصلتُ برقم المنزل، ولكن سمعتُ صوت عاملة المقسم تتحدّث بلغة غريبة لم أفهم منها حرفاً، كنتُ قد نسيتُ أمر الرموز الدّوليّة للاتصال، عاودتُ الاتصال بعد أن أضفتُ رمز سورية ودمشق، رن الهاتف.
كان صوتُ أختي:” أهلاً جنان، يقول أبي أنه سيرسل لكِ بعض النقود لتسيّري أموركِ ريثما تحصلين على تأشيرة الدخول إلى كندا، ولتشتري بطاقة الطائرة إلى هناك…”
” ولكن ما الذي حصل..؟ أنا لا أفهم شيئاً..”
” أبي يقول أنه لا يريد أن يتكلم إليكِ، أنا أريد التكلم معكِ، ولكن والدي لا يريد الحديث معكِ..”
و أغلقتْ السماعة في وجهي، لماذا تفعل أختي الصغرى ذلك، ربما كان والدي بجانبها، فهمتُ حينها أنها تريدني أن أتصل بها على هاتفها الجوّال، كي لا يكون والدي الذي ” لا يريد الحديث معي” بجانبها.
مرّة أخرى نسيتُ أمر الرموز، وأثارتني عاملة المقسم الآسيويّة تلك، حين ردّتْ عليّ أختي كانت العبارة التي بدأتْ بها…” هل هو صحيح ما قاله عنكِ؟”
– من قال عني؟ وماذا قال عني؟
– علمتُ أنكِ بريئة ممّا قالوا عنكِ…
– سَحَر كفاكِ مماطلة، أنا حتى الآن لا أفهم ماذا حصل؟
– يوم زفافكِ جاء زوجكِ أو خطيبكِ أو … ماذا يجب أن أدعوه؟
– ادعيه ما شئتِ، ولكن تكلمي…
– جاء والحزن على وجهه وطلب من والدي الحديث معه على انفراد، ولكني سمعتُ الحديث بالكامل فقد كان والدكِ يتكلم بصوتٍ عالٍ…
– حباً بالله أسرعي…!
– قال أنه يشعر بالخيانة، وأن تلك الليلة لم تكن المرّة الأولى لكِ…
– المرّة الأولى في ماذا؟
– قال أنكِ لستِ عذراء، وأنكِ قد اعترفتِ له أن كنتِ في كثير من العلاقات قبل زواجكِ، وأنه خائفٌ أن تكوني حاملة لمرضٍ ما، لذلك يرفض أن يستمرّ معكِ.
– هل أنتِ جادّة…؟
– نعم ويريدكِ والدي أن تذهبي إلى تورنتو وتمكثي هناك في منزل عمّكِ ريثما يجد حلاً للموضوع، خاصة وأن سامي لن يخفيَ الموضوع على أحد من أسرته. لا أظن والدكِ سيسمح لكِ بالعودة إلى سورية.
هذه قصتي، أرجو أن تكون قد أعجبتكم…
Is it a true story !? wow
no it’s not
but not so hard to happen
fiyye 2oul yalle badde yeh?
akeed feeki t2ooli elly baddik yeh