عشق يقدر بثمن

-1-

سيأتي يومٌ نكون فيه سواسية، سيأتي يومٌ نكون فيه أنا وأنتِ مالكين لنفس القدر من النقود، على الأقل سنكون كلانا نملك النقود، سيكون بإمكان كلانا تقبيل الآخر دون الخوف من عدم امتلاكه للرشوة في حال ضُبطنا ونحن نخل بالآداب العامة، يوماً ما ستلتفت الآداب العامة لدماءٍ سوى تلك التي تنزف من شفاهكِ كل مرة أقبلكِ فيها، يوماً ما سيكون عليّ أن أقلق بخصوص أي عطرٍ سأرش على نفسي قبل لقائكِ، وليس على عدم وجود هذا العطر من أصله، يوماً ما لن أستعير عطر صديقي من أجل لقائكِ.

-2-

يوم أمس رأيتُ علبة السجائر التي تركتها لي يوماً، كتبتِ على داخلها بعد أن فرغت “أحبكَ”، لا أذكر حتى اليوم أي عطاءٍ كان أكبر؛ حبكِ لي أم علبة السجائر؟

-3-

أحلم بأن يكون علينا يوماً ما أن نسير، لا يكون لدينا ما يكفي من النقود لنجلس في مقهىً أو حانة، ألا يكون لدينا ما يكفي من النقود لاستقلال سيارة أجرة أو حتى باص، أحلمُ يوماً أن تملكي الجرأة الكافية لتخبريني بكمية النقود في محفظتكِ، أعرف تقريباً كم النقود في حياتكِ، وأعرف أن ما بيننا هو ثلاثة أو أربعة أصفار، أحياناً الفرق بيننا هو كل ما تملكين، مصدر حبي لكِ هو انعدام المنافسة بيننا، لا أحد ينافس من يزيد أو ينقص عنه بصفرين وما فوق، دائماً منافستنا تكون مع الصفر التالي، لا بأس إن فصلت بيننا مسافاتٌ ما دامت أصفاراً.

-4-

أعمل كل يومٍ باستبسال، أحاول أن أجعل من ألمي التالي لعدم قدرتي على لقائك إلى قصة قصيرة، فصلٍ من رواية، أي شيءٍ قد يجلب لي بعض النقود أو بعض النرجسية، كلي أملٌ أن يأتي يومٌ أكون قادراً فيه أن أدفع حسابكِ في أي شيءٍ، ألا أضطر للتمثيل حين تعرضين علي دفع حصتكِ من الحساب، حين أملك ما يكفي من المال، سأصر أن أدفع حسابكِ، سأقول لكَ “أنا الرجل”، عذراً، ولكن منذ ولدتُ عودوني أن من يدفع النقود هو الرجل، منذ تسربت تلك القاعدة إلى عقولنا وغبارها أصبح كل الذكور العرب الفقراء حفنة من المثليين، حتى القضيب بلا نقودٍ لا معنى له.

-5-

 هل تذكرين صديقتنا المشتركة؟ نعم هذه بالضبط، هي الآن في بيروت، وتلك الأخرى في دبي، والأخرى في أبو ظبي، آه نعم.. ذلك الذي كان يهزأ بي لأني أحبكِ، لقد أصبح الآن في فرنسا، وتلك التي كانت تتركنا لوحدنا دون طلبٍ منا، تزوجت وسافرت إلى كندا، من أيضاً؟ كلهم سافروا، لماذا لم أسافر؟ لا أدري… ببساطة لا أستطيع أن أتحمل تكلفة الغربة، حين يسألونني أقول أنني لا أستطيع السفر لأن حبيبتي لا تزال داخل البلاد، إياكِ أن تتوقفي عن حبي، حينها سيفضح أمري، أو على الأقل لا تسافري.

-6-

هل تذكرين الخمسين ليرة التي دفعتها يوم اعترفتِ لي بحبكِ؟ دفعتها من أجل أجرة سيارة الأجرة، احتفظتُ بها لوقتٍ طويل، لن تصدقي كم احتفظتُ بها، احتفظتُ بها إلى حين العشاء، حينها كان علي أن أختار بين ذكراكِ ومعدتي، نجحتُ في اليوم الأول، ولكن لحين العشاء التالي… الحكاية أقسى من أن أتابع.

-7-

كنتُ أود أن أركن سيارتي قرب شباكِ غرفتكِ وأرفع صوت الموسيقا، كنتُ سأشغل تلك الأغنية التي تذكرنا ببعضنا البعض، ولكن غيرتُ رأيي، قررتُ أن أتعلمها، سأعزفها على الغيتار، وسأتعلم أن أغنيها، ذلك أكثر رومانسية، وأقل تكلفة من شراء سيارة وأسطوانة أغاني.

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية لتصلك أحدث المقالات فور نشرها