اِنهضي من بين بقايا التراب الذي نثروه على وجهكِ منذ ولدتِ، اِمسحي وصمة العار التي رسموها على معصميكِ بلا جريمة منذ قلتِ كلمتكِ الأولى، تابعي السير على الدرب الذي محي لشدة الطول الزمن الذي لم يمر فيه من هذا الدرب باحثٌ عنكِ، وحين تصلين إلى باب الشمس، اصرخي، قولي للعائدين أن الملكة قد استعادت ملكها، وأن التاج الذي خلع عن رأسها كان مقدراً له أن يعود.
اِنهضي، لعنتك ملائكة السماء كم تنامين والقمح الذي جمعتِ ملقىً على طرف السرير نهباً لكل الأطفال الأشقياء، اِنهضي، والعني السماء والأخبار القديمة، اِلعني كل من أحل لعنته على ظفائركِ الصغيرة منذ الصباح.
سيري، واتركي خلفكِ أطلال الذكر الذي هجر أطلال الأنثى فيكِ، أبعدي عن رأسك صور الجسد المتعرق، انزعي من ذاكرتك شعر جسده الكثيف شعرة شعرة، كما لو أنكِ تزيلينها بملقط حواجبك، ولا تنسي أن تتبرجي، أن تكوني جميلة، أثبتي للكون كله أن الجمال ليس وجهاً آخر للنصر لا يجتمع وإياه.
لا تسمحي لليل الذي سرق اليقظة من جفنيك أن يطغى على كلِ شيءٍ، لا تسمحي أن تمر الشمس من عنقكِ دون جدوى، فهو النهار، وعليكِ أن تكوني جاهزة لحربٍ جديدة، جاهزة لأسرّة جديدة من الهزائم، كوني جاهزة أشد الجاهزية كل لا تفقد المزيد من العذارى الخيار.
تمنعي عن كل شيءٍ سوى اللذة، تأنفي عن قذارة الملل، عن سكون الروح المميت، الحركة هي الجسد، والدفء هو الجسد، والاحتراق كهواية لا يُمل منها هو الجسد، قولي لهم “سامحوني ولكن الجسد هو اليقين الوحيد، فأما الروح فتلك لا أراها، والسعي لمتعة ما لا أراه لا يعدو كونه عادة سرية لمراهقة ليست أنا”، أصمي آذان الكهنة وأشباه الرجال الذي باعوا الأبرشية، قولي لهم دم المعمدان الذي سال على دروبكم وأنتم هاربون بخطيئتكم سيترك آثاراً للخطى، كي لا يخطئ جنود الله في إيجادكم، ولا يبذلوا جهداً في إتمام مهمته بقبض أرواح باعة مجلس الرب.
سيري إلى بيت التلميذ الوديع، قولي له هناك المزيد من القشور عليها الرحيل، ولا تتريث كثيراً، فخلاص شاول السفاح من العقاب لا يعني أن الدم رخيص، قل لهم ذاك الذي تسمعونه حرس ثياب قتلة أخينا أول الشهداء، قل لهم أن الدماء التي علقت من رأسه على بعض الحجارة لم تختفي، وأنها ستبقى هناكَ قرب معبدنا القديم لتذكرنا في كل حين بأن الدماء لا تباع، وأن الله وحده هو من يغفر.
قولي لكل الكون من حولكِ أنتَ ملكي، ملكتُ دفة التحكم بمصيركَ في رحمي، ولتتزلزل الأكوان مع كل ولادة، لتتزلزل مع كل ليلة حمراء تحارب حدود الجسد، ساعية دون تأنٍ إلى التحرر نحو أبعادٍ جديدة، نحو أوقات لا تعرف الحساب ولا تعرف الجغرافيا، قولي لكل الكون أنتَ في رحمي، حيث الأسير يُقتل إن لم يفتدى.