دخان، الكثير من الدخان، بعض الهذيان بدأ يسيطر على أفكاري، وبعض آخر من الهذيان بدأ يسيطر على مثانتي، والجميع حولي ليسوا بعد مخدرين، اليوم هي المرة الأولى، ولا بد لي من الاستمتاع بها حتى نهايتها، لا يجوز لي أن أتقيأ، ذلك سيفسد الذكرى، وسيفسد متعتي، وسيفسد سمعتي، وسيفسد الكثير من الأمور الكثيرة.
هذا ليس غليوناً، هذا ورق فيه بعض التبغ، وفي التبغ أضيف إكسير السعادة الزائفة، وإكسير القيود التي تنكسر، وإكسير الرؤية التي لم أعهدها في نفسي، آن الأوان كي تسير تلك الشقراء من اللامكان إلى المنزلة السابعة، وعليها أن تتنقل كثيراً قبل أن تصبح في المكان الصحيح الذي توحي لي به هذه الحالة الجديدة على جملتي العصبية، هذا ليس غليوناً وعلي أن أعامله برفقٍ وحنان، هذا ورق، ورق ضعيف، يسيطر على عقول ثلاثة شبانٍ وفتاتين بلا رحمةٍ، ويتحكم بمصير الصباح التالي.
عطش، لا أتكلم عنه، ليس عطشاً، هو خفة مبالغٌ بها أشعر بها في لساني، لساني أخف مما اعتدتُ عليه، وأكاد أشعر بفمي فارغاً من كل شيء، أتلمس أسناني بلساني الخفيف كل حين وحين لأتأكد من وجودها، ولا شيء يتغير، الأسنان في مكانها، واللسان في مكانه، أصبح كثير الحركة والتلوي، ولكنه في مكانه.
الليل بات ثقيلاً، الظلام بات يجثم على صدري، كأس الماء الذي أعطوني إياه والذي له طعمٌ كالحليب المبستر ممتاز الحلاوة روى البعض من عطشي، ولكني بتُ عاجزاً عن حمل الفنجان في يدي، نزل من يدي وبدأت تدور الزجاجة، والجميع قد باتوا مخدرين بدرجاتٍ متفاوتة الآن، ولكن ما زلتُ الأكثر خفة بينهم، كنت أرتفع عن السرير الذي أجلس عليه عدة سنتيمتراتٍ كل دقيقتين أو أكثر، ولكنهم لم يأبهوا كثيراً، ربما تلك لم تكن المرة الأولى التي يرون فيها إنساناً يطير.
عليّ أن أسأل، سؤال عن الوجه، سؤال عن العائلة، وسؤال ثالث، بات علي الآن – بما أنني لا أشعر بأصابع قدمي اليسرى – أن أستغل قدرتي الخرقاء على القول بحرية ولكن بلغة أخرى كل شيء، سأسأل ذاك السؤال الذي يدور في رأسي منذ عدة ساعات، ولكن علي أن أكون حذراً كي لا أبدو كطفلٍ أكل الكثير من السكر في يومٍ دافئ، ترددتْ الكلمات على لساني، إغماض عيني يساعدني على الإنطلاق أكثر بالحديث بعيداً عن الارتجاف الذي يسببه نظرها إلي، “لماذا؟ لماذا أتذكر خولة التي أحببتها في الصف السادس كل مرة أنظر فيها إلى عينيكِ؟”؛ صباح الغد سيكون غريباً، سيكون غريباً جداً، حتى أنني لن آبه بأني نسيتُ فرشاة أسناني.