أمنيتي لهذا العام

Love-In-Venice

سنسافر إلى روما، أو لا، إلى البندقية التي عرفتِ مؤخراً أن اسمها بالعربية هو هذا وليس فينيس، سفركِ قبلاً إليها لم يكن كافياً كي يعلمكِ اسمها بالعربية، لا يهم، هناك سنبدأ من الصفر، لن أبحث عن عمل، ولن أحاول أن أترجم كتاباتي الرديئة إلى الإيطالية أو الفرنسية كي نعيش منها، حتى أننا بالكاد سنتعلم الإيطالية، لن يكون علينا التكلم سوى مع بعضنا البعض، وقليلاً مع الزبائن كي نخبرهم الأسعار، لا أعتقد أن حفظ الأرقام بالإيطالية سيكون مشكلة، وبكل الأحوال معظم زبائننا سيكونون من السياح وبالتالي سيكون من الكافي أن نتكلم بالإنكليزية معهم، إنكليزيتي جيدة، وإنكليزيتك على رغم من مساعدتي المتكررة لكِ في الامتحانات.. جيدة.

سنعمل في بيع الورود، كل يومٍ سنشتري مئتي وردة من أنواعٍ مختلفة، وسنقف في أحد الساحات الأثرية في البندقية، أو ربما على أحد الأرصفة التي تطل على ذلك النهر الذي يسير في منصف المدينة ونبيع الورود للمارة على قواربهم، سيكون علينا إحراج الرجال الذي يتجولون مع حبيباتهم كي يشتروا الورد، سأقول لهم بعضاً من الكلام الجميل الذي يشبه ما أقوله لكِ كي يضطروا أن يشتروا الورود في محاولة لا معنى لها كي يثبتوا حبهم، أغبياء، هناك طرق أقل تكلفة من تلك كي يثبتوا الحب، إنني أحبك منذ عدة سنين، وأنتِ تحبينني منذ عدة شهور، ورغم هذا لم يحتج أيٌ منا أن يشتري الورود كي يثبت للآخر أنه يحبه، حتى أن شراءك للسجائر لي ولكِ بين حينٍ وآخر كان حركة لطيفة ورومانسية بالنسبة لي أكثر من شراء الورود، وكتابتكِ “أحبكَ” على علب السجائر الفارغة كان أهم بالنسبة لي من أن تكتبي لي رسائل حبٍ لم يعد يتداولها إلا المراهقون ربما.

عندما ننتهي من بيع المئتي وردة التي نبيعها كل يوم لن نبحث عن مزيدٍ من الورود لنبيعها، سنكتفي بهذا القدر كل يوم، ومهما كان الوقت الذي ننتهي فيه من بيع الورود سنذهب لنسير في شوارع البندقية، نسير كما لا نتجرأ أن نسير هنا، سأحضنكِ طوال الطريق، وربما أحملك حين تتعبين، وكل يوم ستكون معنا ذات الورقة التي كتب عليها عنوان منزلنا كي نريها لسائق التاكسي الذي سنأخذه حين نتعب، وربما بعد قليلٍ من الوقت سنصبح قادرين على الرجوع سيراً على الأقدام أو باستخدام الباصات دون أن نضيع.

نقودنا لن تكون كثيرة، لذلك لن نتمكن من استئجار منزلٍ كبير، سيكون صغيراً، صغيراً لدرجة أنه لن يكون هناك مكانٌ لكلانا كي يجلس عند تناول العشاء، ستضطرين للجلوس في حضني عند العشاء، وبسبب ضيق المكان لن تتمكني من تحريك يديكِ، وسيكون عليّ أن أطعمكِ بيدي، وكل مرة أقترب فيها من الصحون كي أتناول اللقمة التالية سيكون عليّ المرور بعنقكِ بسبب ضيق المكان، وكل مرة لن أستطيع المقاومة وسأطبع عليه قبلة متسرعة، قد لا تصيب أحياناً، قد تكون مجرد تلامس، ولكن كي نأكل سيكون عليكِ الاستمرار بالجلوس في حضني وتحمّل قبَلي، وترتيب اللقمات سيكون لقمتين لي لقمة لكِ، فامرأة وزنها يساوي أقل من نصف وزني لا بد أنها تأكل أقل مني وتمضغ الطعام لوقتِ أطول مني.

البيت سيكون ضيقاً جداً، لدرجة أننا لن نتمكن من السير سوياً، سيكون عليّ حملكِ إلى غرفة النوم، وسيكون عليّ أن أقوم بتغيير ثيابكِ بيديّ، وحتى السرير سيكون ضيقاً، سيكون علينا النوم متلاصقين كل يوم، نضطر أحياناً للتعانق طوال النوم كي لا ترتطم أطرافنا بالجدران من حولنا.

يوماً ما ستسألينني إن كانت هذه الحياة هي أجمل وأحبها أكثر من تلك التي كنا نعيشها منفصلين، وسأجيبك؛ بالطبع، هذه الحياة كانت أمنيتي عندما أطفأتُ شموع عيد ميلادي السنة الماضية.

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية لتصلك أحدث المقالات فور نشرها