لسان الحال #1

piramide-de-maslow

“لا شكراً، لن أشتريها”

لا شيء يدفعك للكتابة سوى الألم، الأسوأ أن هذا الألم هو أكثر ما نعجز عن كتابته، هذه ليست سوى محاولة لكتابة الألم، تحتمل النجاح، وتحتمل الفشل كالأخريات اللواتي سبقنها، صوت الموسيقا مرتفع، ربما يزعج الجيران، لا بأس، فليشعروا بحجم إزعاجهم حين يطلقون الرصاص في الهواء، الموسيقا ضرورية، عليها أن تسكت الأصوات في رأسي، تلك التي تذكرني بأي قاعٍ بتُ فيه الآن، يقولون أن امتلاك اللاشيء أمرٌ جيد، حيث يكون الاتجاه الوحيد الممكن هو نحو الأعلى، بفضل الرأسمالية والتجار الدمشقيين باتت تلك معضلة، فقد تبين أن الحركة نحو الأسفل ممكنة، الأفعال لا الأقوال، تلك الوصية شديدة الصعوبة، أصعب من تلك التي تحرّم الزنى، من تلك التي تحرّم صلاة يديّ على مسام نهدكِ، لا… قف هنا، لا تفسد المتعة على الأطفال.

من حيث لم نفهم سبب وجودنا تتابعت الرسائل، إشارات الدخان ساعية لتدلنا على الطريق الصواب، كنا سفينة تغرق، كنا الغروب الأخير للشمس، تناولنا الدجاج على العشاء، وتأملنا المحيط يغمرنا من جهاتنا الست، لا أدري ما الذي جعلني أتجاهل أصوات الموتى وأدخل في غيبوبة من عينيكِ، لكن الأمر كان جميلاً، كان وداعاً ملائماً للعالم بكل مآسيه وأفراحه، كان بصقتي الأخيرة على البشرية جمعاء، لم نفهم حتى الآن سبب وجودنا في ذلك المكان.

“من الصعب التفرج عليكِ ترحلين، لماذا تسيرين مبتعدة بهذا البطء؟”

لقد كانت تلك – على طولها – خطوة واحدة نحو الحقيقة، ما زال هناك الكثير لنعرفه، ما زال هناك الكثير من الأحلام لم تراودنا، أيٌّ منها لن يتحقق، ليس شأناً مزرياً، المهم أن نحلم، أتهرب من رؤية ما يحصل، وأسير إلى الخلف، هل تعلمين أنكِ أجمل من المسافات البعيدة؟ تخيلي كم تبدين جميلة الآن.

أرسم صورة الجنين في عقلي، أتخيل له اسماً وجواز سفر، أفكر من الآن بالبلد التي سيهرب إليها، ربما سيكون اسمه عمرو، وسيهرب إلى مصر ليحرق الكتب وينغص ليل الاسكندرية، على الأجنة أن تموت، لا مكان للأجنة في بلادنا، اقتلوا كلّ الأجنة، لا تستثنوا أحداً، جميعهم أجنة، جميعهم مشاكل المستقبل.

“جسمكِ كان في الظلام، لم أستطع رؤية ساقيكِ”

سريري توقف عن الحركة، عاد النوم ليزور استيقاظي، عاد النوم ليقلق الهادمة التي تريد أن ترى أطفالي قبل أن تستقيل، كان عليّ أن أحذرها منذ البداية، ربما كان عليّ أخذ عبارتها “لن أرحل قبل أن أراكَ أباً” على محمل الجد، الآن هي عالقة في وعدٍ قطعته على نفسها، قلتٌ لها أنني لا أمانع رحيلها، لكنها تبدو عنيدة أكقر من اللازم، المدينة تفسد الجميع، لا وقت للفضيلة في المدن، هناك الكثير من الكحول ليشرب والدخان ليحترق والعذراوات ليكبرن، المدينة تفسد كل شيء.

“أرغب بالموت، ولكنني لم أفقد رائحتكِ بعد.”

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية لتصلك أحدث المقالات فور نشرها