لسان الحال #3

label

“أتذكر أنه كان ظلاماً، كان لشعركِ رائحة جميلة.”

لا تتزاحم الذكريات بلا سبب، كل شيءٍ له سبب، علة أو غاية، أحسنتِ الهروب، دائماً كنتِ أكثر براعة مني بالهروب، ربما كنتُ الأكثر أذية كوني أستغرق الكثير من الوقت لمغادرة المكان، العالم من حولنا أكثر رعباً من أي وقتٍ مضى، الصراع مع الذكريات سيستمر طويلاً، لن نعتاد الصراع دون أن نغمض عيوننا ونحلم بغدٍ أجمل… بغدٍ بلا ذكريات.

“لم يكن ذلك سوى رقصة، رقصة غبية خجولة. ملكت العالم فيها.”

الكفاية من أي شيءٍ نية حاجة مؤجلة، حين نكتفي من رعشةٍ واحدة يصيبنا الإدمان، لا تحتاجين للوقوع في غرام هذا الكون السافل سوى صليبٍ وإغواءٍ أخير، لا تحتاجين من أجل السعادة سوى الاستسلام لهذا الإغواء، ألن تستسلمي يوماً؟ ألن يكون الأمر حقيقياً ولو لمرة واحدة؟

الكثير من الأسماء تطفلت على روايتي، أسماءٌ عديمة الأهمية، عديمة الفائدة، مجرد وجوهٍ كان لا بد لها من التواجد في شوارع الحكاية، لم تفسد الكثير ولكنها بالتأكيد سرقت الكثير من المتعة، الفضوليون هم الأسوأ حين نكون بحاجة أحدهم، هم ليسوا سوى فضوليين، طيور تتذوق الذرة قبل نضجها، لهم ذلك، من يكترث بقرنين أو خمسةٍ من الذرة؟

“كنا ضائعين؛ كافحنا درب عودتنا للوطن.”

لا مكان للأطفال في حينا، السيارات المسرعة تحتل الحي كله، يتجولون بزجاج سياراتهم الأسود وبندقياتهم المتأهبة دائماً للاحتفال، لا شيءَ أفسد متعتي كما فعلت بندقيات الاحتفال، من الجيد أن ليس على الجميع الختان، ذلك وفر الكثير من الرصاص، لا تهتمي بالأطفال، سيجدون قريباً زاوية معتمة يرون فيها الكون داخل تنورة عاهرة الحي، تلك أيضاً تدعو للاحتفال.

أزالوا الكثير من الأشجار، وضعوا مكانها صوراً للرئيس، والكثير من الكراسي والبندقيات، بعض الماء الساخن لليالي الباردة، لا شيءً كما كان، حتى رائحة العفونة باتت أكثر قبحاً، التراقص على أنغامِ القنابل لم يعد ممتعاً، أحياناً تصيبك واحدة وتفسد كل المرح.

“ولكن ماذا لو لم يكن هذا حقيقياً، ماذا يكون حقيقياً إذاً؟”

لقد رحلتْ قبيلتنا، لم يريدوا احتمال غضب الصحراء مع باقي البادية، أنا وأنتِ هنا، محاولَين استصدار صك براءةٍ لقبيلة يكاد يطويها النسيان، لن ينفع الصراخ، غضب الصحاري أعتى من أن يسمع البشر بعضهم بعضاً، منذ الآن هم يتخاطبون بالرائحة، ألم تلاحظي كيف تختلف رائحتي عند سماع صوتكِ؟

“ما أن نتحرر، سنطلب رقصة خجولة أخرى.”

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية لتصلك أحدث المقالات فور نشرها