يوماً ما

mark for Vetta pse jane
mark for Vetta pse jane

يوماً ما، سنتمكن من تنفيذ كل تلك الأمنيات التي ملها الهاتف المشوش الذي على وشك الموت، يوماً ما سنمل من البقاء سوياً، يوماً ما ستكون لدينا فرصة لنندم على بعضٍ من الكلام الهادئ الذي كنا نرميه دون حذر، يوماً ما ستكون لدي الجرأة الكافية كي أطلب منكِ الهروب معي، كي أطلب منك رمي العالم كله خلف ظهركِ، كي أطلب منكِ أن تكوني لمرة واحدةٍ في حياتك امرأة، وتعطيني الفرصة أن أكون رجلاً لمرة واحدة فقط.

يوماً ما ستزهر الأمور التي نزرعها في تراب أعصابنا كل صباح، وستكون لدينا فرصة أخيرة لنقتل الأجنة الغريبة التي زرعت في أرحامنا رغماً عنا، يوماً ما سأهرب من هواء غرفتي إلى خارج الشباك الذي لا أجرؤ على الوقوف أمامه مفتوحاً خوفاً من الحشرات التي لا أعرف أسماءها بعد، يوماً ما سأكون رجلاً بما فيه الكفاية كي أقف وجهاً لوجهٍ مع حشراتي، لأقف وجهاً لوجه مع تلك الحشرة التي أحاول أن أكونها وأفشل باستمرار.

يوماً ما ستكون لدي الفرصة لأجبرك على تعلم الباليه، لا لشيءٍ سوى كي تكوني قادرة على الدوران بهدوءٍ دون اهتزازٍ على قدمكِ اليسرى، كي أتمكن من خلع ثيابك عنكِ بهدوءٍ وتبدأين بالدوران بكل هدوءٍ كدمية عتيقة في علبة موسيقا لا تجد من يشتريها، بهدوء تام لا يسمح لنهديكِ بالاهتزاز، ولا يسمح لصدركِ بالتحرك على نغم أنفاسك الممل.

يوماً ما سأرفعك نحو السماء، سأفرقُ ببعض شعركِ الغيوم التي تزعجني، سأستخدمكِ كأداةٍ ردئية لأقتل الرطوبة التي تزيد من صعوبة التنفس، سأجعلك إسفنجة تمتص كل الماء السائل والغازي الذي يملأ المكان من حولي محاولاً قتلي كل مساء، سأستخدمكِ كأنبوبٍ أستنشق منه الهواء الجاف عند الاستحمام، وسأجبرك على الخروج عندما يحين الوقت الخاص بي.

يوماً ما ستبكين طويلاً على كل الأوقات التي مرت دوني، ستندمين على أنكِ ولدتِ قبلي بعدة شهورٍ، ستشعرين بالهدر الذي مر من عمركِ في عالمٍ أنا لستُ فيه، يوماً ما، سأهرب وحيداً، وسأجلس على أرصفة تلك الطرقات والمرافئ المستطيلة بانتظاركِ، على غير العادة لن يكون هناك موعدٌ بيننا ولن تكون هناك الكثير من الأمور التي سيكون علينا الحديث بها، لن يكون عليّ معاتبتك على التأخير، ولكن ليس لأنكِ لم تتأخري، بل لأن موعداً لم يعقد بيننا أساساً، يوماً ما سأهرب من حقيقة الهوة التي بيننا، وسأدرك ربما أن هناك حقاً ما يجمع بيننا، يوماً ما سأجبرك على الاعتراف أنكِ كنت ابنة الأسرة والمدينة وحتى الكوكب الشرير في الحكاية، حينها ستعلمين أنني في الجانب الذي ترغبين أن تكوني فيه، والذي ترغبين أن يذكرك أولئك الذين ربما سيقرؤون يوماً ما على أنكِ كنتِ فيه… يوماً ما.

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية لتصلك أحدث المقالات فور نشرها